المواطن ماله وماعليه…..
01.09.2014….المواطن الليبي.. ما له وما عليه
19 مايو 2014
(مركز الداسات التباويه (تدا
كتبت: د. حميدة ميلاد أبورونية
يقر القانون الدولي بأن جعل الحقوق الاجتماعية والثقافية واقعاً ملموساً هو أمر لا يمكن أن يتحقق إلا بشكل تدريجي على مر الزمن. إذ يتعين على الدول اتخاذ خطوات من أجل ضمان هذه الحقوق. وتتمثل أولى هذه الخطوات في توفير الحدود الدنيا الأساسية لكل حق من تلك الحقوق. كما ينبغي على الحكومات ألا تلجأ إلى التمييز في قوانينها أو سياساتها أو ممارساتها، ويجب عليها إعطاء الأولوية للمناطق الأشد ضعفاً والأكثر فقراً عند تخصيص الموارد. ولا يمكن التعلل بالافتقار إلى الموارد الإنتاجية أو البيانات الإحصائية للتنصل من هذا الواجب.
وحسب إطلاع على أدبيات الاستدامة الاجتماعية والثقافية يمكن القول إن الحقوق الاجتماعية والثقافية تمثل فئة واسعة من الحقوق الإنسانية التي يكفلها الدين الإسلامي الحنيف والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاجتماعية والثقافية، وغيره من مواثيق حقوق الإنسان الدولية والإقليمية الملزمة قانوناً وكذلك الإعلان الدستوري المؤقت الصادر عن المجلس الوطني الانتقالي بالمادة (6) و(7). ومجمل المواثيق تجمع على أن للمواطن الحق في حرية التعبير وفي عدم التعرض للتعذيب أو سوء المعاملة، أو التهجير القسري، واستيعاب الاختلاف والتنوع الثقافي والديني. وكذلك إعادة النظر في السياسات العامة حسب النوع الاجتماعي كحق العمل والولوج لعالم الريادة والأعمال في شروط عمل عادلة ومرضية وفى الحماية من البطالة وحماية الأطفال من العمل القسري والإجباري، والحق في النمو السكاني مع وقف تدفق الأفراد على المدن وذلك من خلال العدالة في الحصول على الخدمات الاجتماعية سواء في الأرياف أو المدن؛ والحق في التربية والتعليم والصحة باعتباره استثماراً بشرياً في المستقبل وله عوائده الكبيرة، ولذلك فإن كفاءة النظم التي تحترم القيم الثقافية والاجتماعية تعتبر مقياساً للحكم على درجة التقدم في أي دولة، والذي ينعكس تلقائيًا على التقدم الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للمجتمع مستقبلاً.
كما إلى جانب المطالبة بالحقوق من الواجب أيضاً أن نتمسك ونعزز القيم الاجتماعية والثقافية النبيلة السائدة بالمجتمع التقليدية منها والمبتكرة، والتي تتسم بالتنظيم، ولا تخضع للعشوائية. فهي تخضع لقواعد ومعايير تحكم سلوك الأفراد والجماعات، وتوجه سلوكهم الاجتماعي، وتهدف هذه القيم إلى الارتقاء بأفعال الأفراد والجماعات وتعمل على تحسين ودعم سبل التفاعل بينهم من أجل تحقيق الغايات التي يسعون إليها.
الجدير بالذكر أن الأسرة والمدرسة ومنظمات المجتمع المدني “رغم حداثتها بليبيا” من أهم المصادر في تكوين رأس المال الاجتماعي من خلال قدرتها على تشكيل وجدان الأفراد وتربيتهم على القيم الثقافية والمعايير التي تعزز من دوره الايجابي في المجتمع. ومن أهم القيم التي تشكل رصيد رأس المال الاجتماعي:
القدرة على العمل الجماعي المشترك، قيم الاحترام بين الأفراد والبيئة، وبينهم وبين المؤسسات المختلفة، الحكومية وغير الحكومية. والثقة بين الفرد والدولة وتعزيز قيم الولاء والانتماء الذي يدفعهم نحو قيم التعاون والتضامن، والقيم التي تعزز الإحساس بالمسؤولية الاجتماعية وإعلاء قيم العمل والانجاز. والقيم التي تعلي من شأن تماسك النسيج الاجتماعي.
يشكل ضمان الحقوق وتعزيز القيم وأداء الواجب في مجموعها رصيد الأفراد من رأس المال الاجتماعي الذييمثل قوة دافعة تساهم في التنمية الشاملة. فعلى الصعيد الاقتصادي، يساهم رأس المال الاجتماعي “المواطن” بما يوفره من مناخ قائم على الثقة والشفافية في مساهمة الأفراد في مختلف المشروعات الاقتصادية وانخراطهم في سوق العمل، كما يساهم في إعلاء قيم العمل والإنجاز. وعلى الصعيد الاجتماعي، يؤدي رأس المال الاجتماعي إلى تعزيز مشاركة الأفراد في إنتاج وتوظيف المعرفة، وفي مشاركتهم في توسيع دائرة الوعي من خلال المشروعات والأنشطة التي تهدف إلى القضاء على الأمية والفقر. وعلى الصعيد الثقافي، يساهم رأس المال الاجتماعي في رفع الوعي الجماعي، ويعزز من القيم والمعايير الأخلاقية التي تدفعهم نحو التضامن والتعاون.
وعلى الصعيد البيئي يساهم رأس المال الاجتماعي في تحسين كفاءة استخدام الموارد الطبيعية والحد من تدهور البيئة ، والعمل على إدارتها بشكل مستدام بما يحقق الأمن المائي والغذائي والمحافظة على النظم الأيكولوجية والتنوع الحيوي ومكافحة التصحر.
وعلى الصعيد السياسي يساهم رأس المال الاجتماعي في الاستقرار السياسي وتقوية وتعزيز الجبهة الداخلية عبر الالتزام بثوابت الوحدة الوطنية، والعمل بروح الفريق الواحد، وممارسة الانتماء للدولة وتعميق شعور الاعتزاز بالمواطنة والهوية السياسية والوطنية والحضارية، وتعزيز مفهوم الولاء، وزيادة مساحات الحوار المؤسسي بين السلطات التنفيذية والتشريعيةوالقضائية والإعلام فيما بينها، ومع مؤسسات المجتمع المدني الأخرى والمواطنين، واعتماد استمرارية الحوار بين الشبكات الفاعلة كوسيلة للتواصل وحل المشكلات.
http://tedacenter.wordpress.com/2014/05/19/المواطن-الليبي-ما-له-وما-عليه/